كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده لأخيه مَظْلِمَة في عِرضه أو ماله فليتحلله منه» فعمّ كل عرض؛ فمن خص من ذلك شيئًا دون شيء فقد عارض ما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الثامنة لا خلاف أن الغيبة من الكبائر، وأن من اغتاب أحدًا عليه أن يتوب إلى الله عز وجل.
وهل يستحلّ المغتاب؟ اختلف فيه؛ فقالت فرقة: ليس عليه استحلاله، وإنما هي خطيئة بينه وبين ربه.
واحتجت بأنه لم يأخذ من ماله ولا أصاب من بدنه ما ينقصه، فليس ذلك بمظْلِمَة يستحلها منه، وإنما المظلمة ما يكون منه البدل والعِوض في المال والبدن.
وقالت فرقة: هي مظلمة، وكفارتها الاْستغفار لصاحبها الذي اغتابه.
واحتجت بحديث يروى عن الحسن قال: كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته.
وقالت فرقة: هي مظلمة وعليه الاْستحلال منها.
واحتجت بقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من كانت لأخيه عنده مَظْلِمَة في عِرض أو مال فليتحلله منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم يؤخذ من حسناته فإن لم يكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فزيد على سيئاته» خرّجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألاّ يكون له دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمِل عليه» وقد تقدّم هذا المعنى في سورة (آل عمران) عند قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169].
وقد روي من حديث عائشة أن امرأة دخلت عليها فلما قامت قالت امرأة: ما أطول ذيلها فقالت لها عائشة: لقد اغتبتيها فاستحلّيها.
فدلّت الآثار عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها مظلِمة يجب على المغتاب استحلالها.
وأما قول من قال: إنما الغيبة في المال والبدن؛ فقد أجمعت العلماء على أن على القاذف للمقذوف مظلمة يأخذه بالحدّ حتى يقيمه عليه؛ وذلك ليس في البدن ولا في المال، ففي ذلك دليل على أن الظلم في العِرض والبدن والمال، وقد قال الله تعالى في القاذف: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَاءِ فأولئك عِندَ الله هُمُ الكاذبون} [النور: 3 1].
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بَهَتَ مؤمنًا بما ليس فيه حبسه الله في طِينة الخبال» وذلك كله في غير المال والبدن.
وأما من قال: إنها مظلمة؛ وكفارة المظلمة أن يستغفر لصاحبها؛ فقد ناقض إذ سماها مظلمة ثم قال: كفارتها أن يستغفر لصاحبها؛ لأن قوله مظلمة تثبت ظلامة المظلوم؛ فإذا ثبتت الظلامة لم يزلها عن الظالم إلا إحلال المظلوم له.
وأما قول الحسن فليس بحجة، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من كانت له عند أخيه مظلمة في عِرض أو مال فليتحللها منه» وقد ذهب بعضهم إلى ترك التحليل لمن سأله، ورأى أنه لا يحلّ له ما حرّم الله عليه؛ منهم سعيد بن المسيّب قال: لا أحلل من ظلمني.
وقيل لاْبن سيرين: يا أبا بكر، هذا رجل سألك أن تحلله من مظلمة هي لك عنده؛ فقال: إني لم أحرمها عليه فأحلّها، إن الله حرّم الغِيبة عليه، وما كنت لأحلّ ما حرّم الله عليه أبدًا.
وخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم يدل على التحليل، وهو الحجة والمبيِّن.
والتحليل يدل على الرحمة وهو من وجه العفو؛ وقد قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله} [الشورى: 0 4].
التاسعة ليس من هذا الباب غِيبة الفاسق المعلن به المجاهر؛ فإن في الخبر: «من ألقى جِلْباب الحياء فلا غِيبة له».
وقال صلى الله عليه وسلم: «اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس» فالغيبة إذًا في المرء الذي يستر نفسه.
وروي عن الحسن أنه قال: ثلاثة ليست لهم حرمة: صاحب الهوى، والفاسق المعلن، والإمام الجائر.
وقال الحسن لما مات الحجاج: اللهم أنت أَمَتّه فاقطع عنا سنته وفي رواية شَيْنه فإنه أتانا أخَيْفِش أُعَيْمِش، يمدّ بيد قصيرة البنان، والله ما عَرِق فيها غبار في سبيل الله، يُرَجِّل جُمّته ويَخْطِر في مِشْيته، ويَصْعَد المنبر فَيَهْدِر حتى تفوته الصلاة.
لا من الله يَتَّقِي، ولا من الناس يستحي؛ فوقه الله وتحته مائة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل: الصلاة أيها الرجل.
ثم يقول الحسن: هيهات! حال دون ذلك السيف والسَّوْط.
وروى الربيع بن صبيح عن الحسن قال: ليس لأهل البدع غِيبة.
وكذلك قولك للقاضي تستعين به على أخذ حقك ممن ظلمك فتقول فلان ظلمني أو غضبني أو خانني أو ضربني أو قذفني أو أساء إليّ؛ ليس بغيبة.
وعلماء الأمة على ذلك مجمعة.
وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لصاحب الحق مقال» وقال: «مَطْلُ الغنِيّ ظلم» وقال: «لَيّ الواجد يُحِلّ عِرْضَه وعقُوبته» ومن ذلك الاستفتاء؛ كقول هند للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي، فآخذ من غير علمه؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «نعم فخذي» فذكرته بالشُّحّ والظلم لها ولولدها، ولم يرها مغتابة؛ لأنه لم يغيّر عليها، بل أجابها عليه الصلاة والسلام بالفُتْيا لها.
وكذلك إذا كان في ذكره بالسوء فائدة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» فهذا جائز، وكان مقصوده ألا تغتر فاطمة بنت قيس بهما.
قال جميعه المحاسبي رحمه الله.
العاشرة قوله تعالى: {مَيْتًا} وقرئ {ميّتًا} وهو نصب على الحال من اللحم.
ويجوز أن ينصب على الأخ، ولما قررهم عز وجل بأن أحدًا منهم لا يجب أكل جيفة أخيه عَقّب ذلك بقوله تعالى: {فَكَرِهْتُمُوهُ}.
وفيه وجهان: أحدهما فكرهتم أكل الميتة فكذلك فاكرهوا الغِيبة؛ رُوي معناه عن مجاهد.
الثاني فكرهتم أن يغتابكم الناس فاكرهوا غيبة الناس.
وقال الفراء: أي فقد كرهتموه فلا تفعلوه.
وقيل: لفظه خبر ومعناه أمر؛ أي اكرهوه.
{واتقوا الله} عطف عليه.
وقيل: عطف على قوله: {اجتنبوا كَثِيرًا وَلاَ تَجَسَّسُواْ}.
{إِنَّ الله تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}.
فيه سبع مسائل:
الأولى قوله تعالى: {يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى} يعني آدم وحواء.
ونزلت الآية في أَبي هند؛ ذكره أبو داود في (المراسيل)؛ حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا حدّثنا بقيّة بن الوليد قال حدثني الزهري قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بَياضة أن يزوّجوا أبا هند امرأة منهم؛ فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نزوّج بناتنا موالينا؟ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا} الآية.
قال الزهري: نزلت في أبي هند خاصة.
وقيل: إنها نزلت في ثابت بن قيس بن شَمّاس، وقوله في الرجل الذي لم يتفسح له: ابن فلانة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن الذاكر فلانة»؟ قال ثابت: أنا يا رسول الله؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «انظر في وجوه القوم» فنظر؛ فقال: «ما رأيت»؟ قال رأيت أبيض وأسود وأحمر؛ فقال: «فإنك لا تفضلهم إلا بالتقوى» فنزلت في ثابت هذه الآية.
ونزلت في الرجل الذي لم يتفسح له: {يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي المجالس} [المجادلة: 11] الآية.
قال ابن عباس: لما كان يوم فتح مكة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا حتى علا على ظهر الكعبة فأذّن؛ فقال عتَّاب بن أسِيد بن أبي العِيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لا يرى هذا اليوم.
قال الحارث بن هشام: ما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذِّنًا.
وقال سهيل بن عمرو: إن يرد الله شيئًا يغيّره.
وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئًا أخاف أن يخبر به رب السماء؛ فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا؛ فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
زجرهم عن التفاخر بالأنساب، والتكاثر بالأموال، والازدراء بالفقراء؛ فإن المدار على التقوى.
أي الجميع من آدم وحواء، إنما الفضل بالتقوى.
وفي الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بمكة فقال: «يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عَيْبَة الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: رجل بَرّ تَقِيّ كريم على الله، وفاجر شقيّ هيّن على الله، والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله تعالى: {يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ}» خرّجه من حديث عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني وهو ضعيف، ضعّفه يحيى بن مَعِين وغيره.
وقد خرّج الطبري في كتاب (آداب النفوس) وحدّثني يعقوب بن إبراهيم قال حدّثنا إسماعيل قال حدّثنا سعيد الجُرَيري عن أبي نضرة قال: حدّثني أو حدّثنا من شهد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنًى في وسط أيام التشريق وهو على بعير فقال: «يأيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألاَ لا فضل لعربيّ على عجميّ ولا عجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا هل بَلّغت؟ قالوا نعم قال ليبلّغ الشاهدُ الغائب» وفيه عن (أبي) مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم ولا إلى أجسامكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم فمن كان له قلب صالح تحنن الله عليه وإنما أنتم بنو آدم وأحبكم إليه أتقاكم» ولعليّ رضي الله عنه في هذا المعنى وهو مشهور من شعره:
الناس من جهة التمثيل أكفاء ** أبوهمُ آدمُ والأمّ حواء

نفسٌ كنفس وأرواحٌ مشاكلةٌ ** وأعظمٌ خُلقت فيهم وأعضاء

فإن يكن لهمُ من أصلهم حسبٌ ** يفاخرون به فالطين والماء

ما الفضل إلا لأهل العلم إنهمُ ** على الهُدَى لمن استَهْدَى أدِلاّء

وقَدْرُ كلّ امرئ ما كان يحسنه ** وللرجال على الأفعال سيماء

وضدُّ كل امرئ ما كان يجهله ** والجاهلون لأهل العلم أعداء

الثانية بيّن الله تعالى في هذه الآية أنه خلق الخلق من الذكر والأنثى، وكذلك في أوّل سورة (النساء).
ولو شاء لخلقه دونهما كخلقه لآدم، أو دون ذَكَر كخلقه لعيسى عليه السلام، أو دون أنثى كخلقه حواء من إحدى الجهتين.
وهذا الجائز في القدرة لم يرد به الوجود.
وقد جاء أن آدم خلق الله منه حوّاء من ضلع انتزعها من أضلاعه؛ فلعله هذا القسم؛ قاله ابن العربي.
الثالثة خلق الله الخلق بين الذكر والأنثى أنسابًا وأصهارًا وقبائلَ وشعوبًا، وخلق لهم منها التعارف، وجعل لهم بها التواصل للحكمة التي قدّرها وهو أعلم بها؛ فصار كل أحد يحوز نسبه؛ فإذا نفاه رجل عنه استوجب الحدّ بقذفه؛ مثل أن ينفيه عن رهطه وحسبه، بقوله للعربي: يا عجمي، وللعجمي: يا عربي؛ ونحو ذلك مما يقع به النفي حقيقة.
انتهى.
الرابعة ذهب قوم من الأوائل إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربّى في رحم الأم، ويستمد من الدم الذي يكون فيه.
واحتجوا بقوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قرارٍ مَّكِينٍ} [المرسلات: 0 2 1 2].
وقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ} [السجدة: 8].
وقوله: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى} [القيامة: 7 3].
فدلّ على أن الخلق من ماء واحد.
والصحيح أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة لهذه الآية؛ فإنها نص لا يحتمل التأويل.
وقوله تعالى: {خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب} [الطارق: 6 7] والمراد منه أصلاب الرجال وترائب النساء؛ على ما يأتي بيانه.
وأما ما احتجوا به فليس فيه أكثر من أن الله تعالى ذكر خلق الإنسان من الماء والسُّلالةِ والنطفةِ ولم يضفها إلى أحد الأبوين دون الآخر.
فدلّ على أن الماء والسلالة لهما والنطفةَ منهما بدلالة ما ذكرنا.
وبأن المرأة تُمْني كما يُمْنِي الرجل، وعن ذلك يكون الشبه؛ حسب ما تقدّم بيانه في آخر الشورى.
وقد قال في قصة نوح: {فَالْتَقَى الماء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 2 1] وإنما أراد ماء السماء وماء الأرض؛ لأن الالتقاء لا يكون إلا من اثنين، فلا ينكر أن يكون {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}.
وقوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ} ويريد ماءين.
والله أعلم.
الخامسة قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لتعارفوا} الشعوب رؤوس القبائل؛ مثل ربيعة ومُضَر والأوْس والخَزْرَج؛ واحدها (شَعْب) بفتح الشين؛ سُمُّوا به لتشعّبهم واجتماعهم كشعب أغصان الشجرة.
والشَّعْب من الأضداد؛ يقال شعبته إذا جمعته؛ ومنه المِشْعَب (بكسر الميم) وهو الإشْفَى؛ لأنه يجمع به ويشعب.
قال:
فَكَابٍ على حُرّ الجبين ومُتّقٍ ** بمَدْرِيَةٍ كأنه ذَلْقُ مِشْعَبِ

وشَعَبته إذا فرّقته، ومنه سُميت المنية شُعوبًا لأنها مفرّقة.
فأما الشِّعب (بالكسر) فهو الطريق في الجبل؛ والجمع الشعاب.
قال الجوهري: الشِّعب: ما تشعب من قبائل العرب والعجم؛ والجمع الشعوب.
والشُّعُوبية: فرقة لا تفضّل العرب على العجم.
وأما الذي في الحديث: أن رجلًا من الشعوب أسلم؛ فإنه يعني من العجم.
والشَّعْب: القبيلة العظيمة، وهو أبو القبائل الذي ينسبون إليه، أي يجمعهم ويضمهم.